اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 229
من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة وزواج وازدواج بل بالتجلى عليهما ومد الظل إليهما أَنَّى من اين يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وليس غيره احد وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ والولد انما يتصور بين المتجانسين وَهو سبحانه قد خَلَقَ اى أوجد واظهر كُلَّ شَيْءٍ بامتداد اظلال أوصافه الذاتية وعكوس شئونه الغيبية وتجلياته الحبية وعكوس شئونه العينية وَهُوَ بذاته بِكُلِّ شَيْءٍ مما ظهر من تجليات صفاته عَلِيمٌ لا يخفى عليه شيء
ذلِكُمُ اللَّهُ اى الظاهر المكشوف بحسب الذات الاحدية الموصوفة بالصفات الازلية الابدية السرمدية المتجلى بالتجليات اللطفية والقهرية رَبُّكُمْ موجدكم ومربيكم ايها الاظلال الهالكة والعكوس المستهلكة الباطلة لا إِلهَ ولا موجود إِلَّا هُوَ بذاته الوحدانية وهو خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ إذ كل ما ظهر وبدا انما هو من اظلال أسمائه وعكوس صفاته فَاعْبُدُوهُ إذ هو المستحق للعبادة والرجوع اليه لا غير وفوضوا أموركم كلها اليه وَكيف لا تفوضونها اليه مع انه هُوَ بذاته وأوصافه وأسمائه عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الكوائن والفواسد الحادثة في مظاهره وَكِيلٌ كفيل يوليها ويصرفها كيف يشاء حسب قدرته وارادته بالاختيار والاستقلال
وان كان لا تُدْرِكُهُ من غاية ظهوره وجلائه الْأَبْصارُ القاهرة عن ابصار انواره الباهرة وَكيف تدركه الأبصار إذ هُوَ بذاته يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ويبصرها ومبصر الأبصار لا يبصره الأبصار إذ هو سبحانه من غاية لطافته عين نور العين والعين لا تدرك نورها الذي به ابصارها وَكيف يدرك ويبصر سبحانه إذ هُوَ اللَّطِيفُ الدقيق الرقيق المنزه المتعالي عن المحاذاة والمقابلة والانطباع والانتقاش والمحاكاة مطلقا الْخَبِيرُ هو بخصوصه وانفراده عن عموم الاخبار الكائنة كيف يخبر عنه وبالجملة ما يرى الله الا الله وما يخبر عنه الا هو وما يطلع عليه سواه كل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون رجوع الظل الى ذي الظل
قَدْ جاءَكُمْ وحصل عندكم ولاح دونكم ايها المجبولون على فطرة التوحيد بَصائِرُ كواشف وشواهد ناشئة مِنْ رَبِّكُمْ الذي أوجدكم وأظهركم عليها ورباكم بها ولها فَمَنْ أَبْصَرَ اى شهد وانكشف بها فَلِنَفْسِهِ اى عاد نفعه إليها وَمَنْ عَمِيَ واحتجب ايضا فَعَلَيْها عائد وبالها وَبالجملة ما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ رقيب مصرف بل منبه مبلغ والوقاية بيد الله والتصرف تحت قدرته وارادته يهدى من يشاء ويضل من يشاء حسب اختياره.
ثم قال سبحانه وَكَذلِكَ اى ومثل ذلك المذكور نُصَرِّفُ ونكرر الْآياتِ الدالة على توحيدنا مرارا ونقررها كذلك تكرارا رجاء ان يتنبهوا بها فلم يتنبه منهم الا قليل بل اقل من القليل وغاية أمرهم ونهاية قدحهم وطعنهم في كتابك يا أكمل الرسل ان يصرفوا ضعفاء العوام عنك وعن قبول كتابك وَلِيَقُولُوا لك وفي حقك عند من آمن بك انك قد دَرَسْتَ وتعلمت هذه الأساطير الكاذبة القديمة من اهل الكذب فعليك ان لا تبالي بهم وبقولهم هذا وَبالجملة ما نصرفها ونكررها الا لِنُبَيِّنَهُ ونوضحه اى التوحيد الذاتي المدلول عليه بتصريف الآيات والدلائل لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ويستدلون بالدلائل القاطعة والبراهين الساطعة على وحدة الصانع الحكيم القادر العليم فخروج العوام وانصرافهم لا يخل بهذا المرام وان انصرفوا عنك ولم يقبلوا منك ما جئت به من الآيات دعهم وحالهم
اتَّبِعْ أنت بنفسك عموم ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ دلائل توحيد رَبِّكَ واستيقن بانه لا إِلهَ ولا موجود إِلَّا هُوَ بذاته وأسمائه وصفاته بالاستقلال والانفراد وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ واتركهم مع شركهم بعد ما تحققت وتمكنت
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 229